الاستعمار الخارجي المسبب للثورات والانقلابات في الشرق الأوسط
2012-03-03 22:32:50

بسم الله والحمد لله  الذي أحصى جميع الأشياء ولا يخفى عليه شيء في الأرض والسماء,والصلاة والسلام على عبده ورسوله  سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وبعد:
منذ عامين، تمر منطقة الشرق الأوسط بالعديد من الثورات والانقلابات العسكرية ضد أنظمة الحكم المحلية. للمطالبة بتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الدولة، أو تنحي الحكام عن منصبهم الذي سيطروا عليه بطرق غير مشروعة، ما يقارب نصف قرن. هذه الظاهرة، عادت بعد سبات نصف قرن، بحيث  تميزت خلال أواخر سنوات الأربعين وبداية سنوات الخمسين من القرن السابق، دول  الشرق الأوسط بالانقلابات العسكرية ومن أهمها ثورة الضباط الأحرار عام 1952 بقيادة قادة الجيش محمد نجيب وجمال عبد الناصر، وفي سوريا حسني الزعيم 1949،  وثورة ميشيل عفلق 1951.
سوف نبحث في هذا المقالة مدى تأثير الاستعمار والاحتلال الخارجي لمنطقة الشرق الأوسط على الثورات الداخلية في كل دولة، وخصوصا بعد استقلالية بعض تلك الدول بعد منتصف القرن العشرين، بحيث أن هنالك دول حصلت على استقلالها في سنوات  ألـ 30 من القرن السابق كمصر والعراق. من خلال التطرق نحاول ان نظهر مدى تأثير الاستعمار على الثورات المحلية، كذلك سوف نتطرق للتاريخ الاستعماري لمنطقة الشرق الأوسط، خصوصا منذ الاحتلال الروماني (63 قبل الميلاد حتى انتهاء الانتداب البريطاني الفرنسي 1948م). هذا لا يعني انه لم يكن هنالك احتلال قبل الرومان, ولكن منذ الفترة الرومانية بدأ يظهر تأثير الاستعمار والاحتلال الخارجي على سكان منطقة الشرق الأوسط كبناء أسوار الممالك اليهودية للنبي سليمان وتم هدمها عبر التاريخ من خلال الحملات العسكرية التي شهدتها البلاد. خضع سكان منطقة الشرق الوسط عبر التاريخ لعديد من الاستعمارات والاحتلال الخارجي، أما سور القدس الموجود حاليًا فقد رممه وجدده السلطان العثماني سليمان القانوني خلال فترة حكمه.
تاريخ الاستعمار  والاحتلال الخارجي على منطقة الشرق الاوسط:
أ‌- منذ عام 63 قبل الميلاد حتى عام 324 احتلت منطقة الشرق الأوسط الإمبراطورية الرومانية.
ب‌- ومن عام 324 -638 احتل المنطقة البيزنطيون.
ت‌- الفتح الإسلامي بقيادة الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه على هذة المنطقة (638-1099).
ث‌- فترة الصليبيين (1099-1258).
ج‌- العهد المملوكي (1285-1517).
ح‌- عهد الدولة العثمانية بعد أن استطاع السلطان سليم الأول الانتصار على المماليك في معركة مرج دابق قرب حلب عام 1517 واحتلال المنطقة حتى نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918 وانهيار الدولة العثمانية.
خ‌- الانتداب البريطاني والفرنسي (1918-1948).
حسب ما ذكر أعلاه، عانى السكان المحليون للشرق الأوسط عبر قرون من التاريخ من الاحتلال والاستعمار الخارجي, رغم كون بعض تلك الدول لم تتشدد في أمر السكان المحليين.
مكوث السكان المحليين تحت الاحتلال واستعمار الأرض والفكر, وتأخر وصول الثورة الصناعية للشرق الأوسط أدّى إلى اتساع الفجوة والفرق بين الحضارة الأوروبية والحضارة المحلية، وخصوصا خلال فترة الانتداب الأوروبي (1948-1918) وبعد انتهاء فترة الانتداب الأوروبي على الشرق الأوسط وتقسيمه الحدود، تم أعطاء السكان المحليين مهمة لم تكن تخطر على بال احد ولأول وهلة قد تكون بشرى، ولكنها في الحقيقة صعبة ومتعبة وهي حكم أنفسهم بأنفسهم  وإدارة  شؤونهم!!!!.بمعنى آخر بعد مرور:
 1- قرون وسنين وأشهر من الاستعمار.
 .2- - قرون  وسنين وأشهر من الاحتلال.
 3-- قرون وسنين وأشهر من الظلم.
 4—قرون وسنين وأشهر من سفك الدماء، دون إعطائهم معرفة ماذا نعني بدولة ؟ فجأة يتم توكيلهم  بما لا طاقة لهم به!
 من سوف يحمل هذا العبْء الكبير ومن هو الرجل المناسب لإدارة الدولة  وكيف؟؟؟ من هنا بدأت الحروبات المحلية بين كتل ورجال عسكريين من اجل الإطاحة بالآخر والجلوس مكانه على كرسي الحكم، حيث إن كل حزب وكل منظمة وكل قائد عسكري  اعتقد أنه الأكثر مناسبة  للسيطرة على الحكم فمثلا: في مصر قادة الجيش قاموا بثوره عام 1952 (ثورة الضباط الأحرار), وقبلها ثورة حسني الزعيم في سوريا عام 1949، وبعد ذلك بعامين ثورة  أديب شيشكلي 1951. بعد ذلك استطاع حزب البعث بقيادة صلاح جديد بالقيام بثورة والسيطرة على
الحكم، وفي عام 1969 استطاع حافظ الأسد القيام بثورة والسيطرة على الحكم في سوريا.
هذه الثورات توقفت بعد قيام الأنظمة الحاكمة الأخيرة بفرض حكم شديد على الشعب سواء في مصر أو في الأردن وسوريا  والعراق, بحيث قام هؤلاء الحكام باستبداد في الحكم واستعمال القوة، وانتشار الجاسوسية في الدول من اجل منع ثورات أخرى والتسلط على الحكم. الأمر الذي أدى إلى سيطرة أنظمة معينة خلال فترة زمنية طويلة كعائلة الأسد في سوريا، ألقذافي في ليبيا وغيرهم. حيث وصفهم  الله تعالى " فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا" –(النساء,65). استمر هذا الوضع حتى بلغ السيل الزبى، وعدم  قدرة الشعب تحمل الظلم والاحتلال المحلي, حيث استيقظ الشعب من سبات عميق وطويل وبدأ يطالب بإسقاط النظام وعادت الثورات  مع بداية سنة 2011.
للتلخيص هنالك تأثير كبير للاستعمار  والاحتلال الخارجي على الثورات المحلية التي حصلت في منتصف القرن العشرين وعادت مرة أخرى مع بداية السنة الميلادية الحالية 2011. بحيث مكث الاستعمار قرونًا من الزمن في هذة المنطقة واحتلال الرأي والفكر عطل جاهزية السكان المحليين لإدارة دولة. الأمر الذي أفشل كل محاولة قام بها بعض قادة الجيش من اجل قيادة دولتهم من خلال الثورات ضدهم، حتى استعملوا يدًا من حديد والجاسوسية التي نفت عددًا كبيرًا من المعارضين لحكمهم. 
والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصّالحات
 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق