لسان يمدح ويد تذبح "وبيلد" يردح حول ما يسمى ذكرى الشهداء
2011-05-13 00:33:22

يطل علينا، كما هو الحال في كل عام، في يوم ما يسمى بذكرى الشهداء، احد الوزراء الإسرائيليين للمشاركة في هذه الذكرى، وقد حضر هذا العام  الوزير يوسي بيلد، والوزير بيلد كما تقول الرواية  لمن لا يعرف هو ابن لعائلة بالتبني بعد أن أبيدت عائلته إبان الحكم النازي، وقد تخفى بصفته مسيحيا كي لا تطاله الإبادة، ومن كان مثله كان من المفروض أن تصقل مشاعره ومفاهيمه ليدعو إلى السلام وحسن الجوار، ولكنه على ما يبدو تبلد حسه واحترف العسكرة ليتدرج  في المناصب ليصل إلى رتبة جنرال، وقد خرج قبل فترة إلى التقاعد، واليوم يشغل منصب وزير بلا وزارة؟ وقد حل علينا كما ذكرنا.. (شخصيًّا أنا لا أحضر إلى المقبرة العسكرية ككاتب وسكرتير للجنة المبادرة الدرزية في بلدي والتي تدعو إلى معارضة التجنيد الإلزامي، وإنما بصفتي الصحفية ليس إلا. ولا تناقض في ذلك أبدا كما يعتقد البعض، إذ على الكاتب كي يكون صادقا أن يلامس الحدث) وعودة إلى الوزير، لقد  دعا الوزير إلى الكف عن الحديث عما يسمى بحلف الدم  بعد أن ساهمت الطائفة الدرزية في الدفاع عن الوطن ودعا إلى الحديث عن حلف الحياة فقط الذي من المفروض العمل به.رائع ما قاله الوزير بلا وزارة، حول حلف الحياة ، ولكن لقد وعد قبله وزراء، مع وزارة  وخلوا بوعودهم، فما بالك مع وعود وزير بلا وزارة؟!! لقد تحدث الوزير عن مساهمة الطائفة في الدفاع عن الوطن، وهنا لنا وقفة كنا قد وقفنا عندها مرارًا وتكراراً لنعود ونسأل: عن أي وطن دافع الجنود الذين سقطوا؟.. إن الوطن هو الأرض التي نشأنا  وتربينا عليها، والأرض صادرها حكام إسرائيل. من هنا، فإذا وجب الدفاع عن الوطن علينا أن نتصدى لمن سحبه من تحت أقدامنا؟!! إن سقوط (الشهداء) الذين هم ضحايا للإطماع  التوسعية  الجهنمية للحركة الصهيونية لم يكفل لنا المحافظة على الأرض.. ، وإنما البساطة التي قادت إليها السلطات بأساليبها ساهمت في زيادة الاستهتار بنا وفتحت شهيتها وكانت النتيجة انه صودر لنا من الأرض أكثر مما صودر لبقية أبناء شعبنا من الطوائف العربية الأخرى..
وقد لمحت أمًّا تبكي..
إن سقوط الضحايا الذين خسروا ربيع عمرهم..
إن سقوط الضحايا الذين تركوا أمهاتهم  الثكلى اللواتي تلتهم أكبادهن أشواق  لا تنطفئ ودموع لا تجف؟!!
 الذين تركوا الآباء يتحرقون  في حسرة أبدية..
الذين تركوا دراستهم وآمالهم العريضة..
 الذين تركوا يتامى لا سند لهم..
 الذين تركوا زوجاتهم أرامل فريسة للوجع..
الذين تركوا خطيباتهم وهن في قمة طموحاتهن وريعان شبابهن، لم يشفع لهم أمام الجرائم التي ارتكبتها السلطات  بحقنهما.
  رائع هو الحديث عن حلف الحياة، ولكن حديث الوزير هذا في ظل ممارسات الحكومات الإسرائيلية هو بمثابة  – اللسان الذي يمدح واليد التي تذبح – إذ كيف يتساوى هذا الحديث مع اضطهادنا بشكل مبرمج غاية في البرمجة وسوء النية.. كيف يتساوى هذا الحديث مع مصادرة أراضينا..
كيف يتساوى مع حرف مشاريع الدولة كلها إلى ما تبقى لنا من أرض بعد أن كانت سائرة  بشكل مستقيم..
كيف يتساوى مع محاولتهم مبادلتنا ب – خمسة دونمات من قبلنا بدونم واحد – من عندهم..
كيف يتساوى هذا مع كون كل  عشرة مواطنين دروزًا يساون يهوديا واحداً، من حيث الحصول على المستحقات، كما أشار البحث الذي أجراه زلمتهم عضو الكنيست حمد عمار بالاشتراك مع عضو الكنيست سعيد نفاع..
كيف يتساوى هذا مع عدم إقرار خارطة هيكلية..
 كيف يتساوى مع عدم توسيع مسطحات البناء..
 كيف يتساوى مع فرض الغرامات  حتى على الجنود الذين عمروا بناء لأسرهم..
كيف يتساوى مع زرعهم للقلق في نفوس هؤلاء الجنود خوفا من التهديد بهدم بيوتهم.. والتي لن تجرؤ السلطات على هدم قرانا لأننا عمرنا بيوتنا وفقاً لقانون الحق والحياة بدون أذن منهم.. وكأن ما تبقى لنا من أرض هو احتياطي لأجيالهم القادمة.. وليست لأجيالنا القادمة..
كيف يتساوى هذا مع محاولتهم الفرض علينا أن نبني طوابق كي تعيش عدة أسر على اقل ما يمكن من أرض وذلك خلافا لتقاليدنا..
كيف يتساوى هذا مع واقعنا التعيس في ظل البطالة المستشرية التي تدفع المجتمع إلى الانهيار والذي لا يراه عميان البصر والبصيرة..
 كيف يتساوى هذا مع منعنا  من استعمال أرضنا المتبقية في الزراعة الشجرية وحصرنا بحبكة فنية خبيثة بالزراعة المتواضعة التي تكاد لا تربح..
كيف يتساوى هذا مع حجز مياه الزراعة التي منحها الله لجميع عباده ومنعها من الوصول إلينا..
  كيف يتساوى هذا مع عدم إقامة المصانع  في قرانا لتضم عدد من العاطلين عن العمل..
 كيف يتساوى حلف الحياة المزعوم مع عدم مساواتنا حتى مع بقية أبناء شعبنا من الطوائف العربية حيث  إن الشباب المسلمين والشباب المسيحيين يقبلون في الكثير من المصانع في حين إن الشاب الدرزي الذي لم يخدم في الجيش يرفض؟! كيف يتساوى هذا مع تركنا  نتيجة لذلك أفقر شريحة اقتصاديا وثقافيا في البلاد.
أهلنا الأحباء لقد نجحت السلطات الإسرائيلية في تضليل شرائح من مجتمعنا.. هدفت إلى إبقاء شبابنا الأحياء ( أمواتاً ) في حضيض المجتمع الإسرائيلي  لنبقى خداما في سلك الأمن والمرافق الحياتية الأخرى، ويا لمأساتنا الكبرى الحقيقة هي ان حتى هذه الأخيرة حُجبت عنا حيث أن عمال الخدمات اليوم  هم “الفلاش” والعمال الغرباء ما عدا فتياتنا اللواتي يخدمن في بيوت الأغنياء منهم  والتي عبر عنها المطرب الإسرائيلي “شلومو شيفان” الذي قال في أغنيته ” سافرنا إلى الجليل.. وهناك وجدنا فتاة درزية.. أخذناها معنا.. وهي اليوم التي تنظف.. وهي التي تغسل.. وهي التي تشطف مؤخرة الرضيع”.. ياااااا يا لهول ماساتنا.. إنهم يمنون علينا بواسطة شطف مؤخرات أطفالهم.. إنهم لأمًا.. إن لؤمهم  المغلف يتخطى اللائم  المعروف بين البشر.. هذا هو جزاء أن تسير قطاعات من مجتمعنا في ركبهم .. هناك من تبلد حسه  ويفتش عن تبرير للجريمة وإذا ما بُصق في وجهه يقول أن السماء تمطر.. وهناك من ينسى بالرغم من إن الإهانات تعود على نفسها باستمرار.. وهي لم تبدأ بقول رئيس الدولة السابق “يتسحاق نافون”  في محاضرة له في مدينة هرتسليا: ” بان النفس اليهودية لا تسمح لليهودي أن يقتل وان الذين يقتلون هم الجنود الدروز  هكذا ينسبون لنا جرائمهم.. ولم تنتهي بقول ضابطة التربية في الجيش : بأننا نجندهم كي لا يجندوا في صفوف حماس” وتنتهي عند شطف مؤخرات أطفالهم.. إننا نقول إن حماس هو خيار ديمقراطي لشريحة من شعبنا قبل وبعد أن  ضحكتم على الشهيد ياسر عرفات ولعبتم معه “سكه مكي”  قبل أن تسجنوه وقبل أن تسمموه.. وقبل أن يكشف  رئيس وزرائكم السابق “يتسحاق شامير” الاعيبكم المكشوفة أساسا ويقول “نريد أن نفاوض الفلسطينيين مئة عام” ؟!! ولكن هذا لا يعني بأننا جنود حرب هنا أو هناك كما تزعمون. نريد أن نكون جنود سلام..لننشر المحبة بين البشر لنوقف الأطماع الجشعة للكائنات التي تتستر في هياكل إنسانية .
هذا هو واقعنا أهلنا الكرام.. علينا أن  نستدرك.. علينا أن نملك الرؤية..  كل الشعوب تضحي من أجل أجيالها القادمة.. علينا أن نتحرك.. علينا أن نتمرد.. علينا أن نتصدى وليكن ما يكون.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق