عندما استرخي على راحة جدتي ، وتبدأ تشنف آذاني بالتراويد ذات الجرس الحزين، وتغني بصوتها المتهدج لعمي علاء، أدرك أني مهما بلغت من مقامي عندها، فلن أدرك سويداء قلبها حيث يسكن، ولا نواة فؤادها حيث يهوي، لكني أبقى معها ،أبحث عن ملامح وجهه في قطرات الدمع المنساب على وجنتيها،.... ابحث عن ابتسامته الطفولية الدائمة في فضاء قلبها، واستجمع صوته العالي من حروف تطايرت على ثنايا البيت والحواري والأزقة ، وافرد له هذه الكلمات:
كلمات عبر الأثير
عمّاه ..
عماه دَعْهُم يَسْرَحُونَ في غِيِهِمْ
ويركبونَ الموجَ الطويلْ
ويوغرون الصدر بحقدهم
ويحبسون الهواء العليلْ
ويَسْتَبٍحُون الشجرَ والبشرَ بِبَطْشهمْ
ويعلون العلو الكبير
ويَشٌدون َ القيّد مِن خَوفهم
ويفرقون بين الخليل والخليل
فمهما بلغوا
ومهما ارتفعوا
هم أَوْهَنُ من أن ينالوا
شوقا إليك
يتطاير موجاً
ويسقط ُ على وجْنَتَيْكَ
قُبلاتٍ وشذا جميلْ...
**********
عَمَاهُ ......
رحلت أنت أسيرا ً
وولدتُ أنا طفلة ٌ بين الركامْ
فلسطينية ٌ لا عزاءَ لها غيرُ صوتِ الحمامْ
ما قَنِتُ
وما مَلًلْتُ من انتظار عودتك
على سرجٍ عِزكَ
تَمْتَشِقُ سيفاً لامعاً
ومن حولك جِبَاهٌ لا تضامْ
تناديني
بيسان ها أنا قد أتيت حرا
فيجيبك مني اللحم والدم والعظام
لبيك عماه ومرحبا
فعندي من الشوق ما لا يطفئه
ماءُ بَحْرِ ٍ
ولا تدركهُ جبالُ الغمامْ .