قد يعذرني القراء الأعزاء أذا طرقت باباً من أبواب الصراحة المتناهية التي قلما يقدم على قولها أحد أو مصارحة الناس والأهل والأصدقاء والمواطنين بها لأسباب تعددت وكثرت كلما غصنا في التحدث عنها .
الصراحة بدون شك تنطوي على الأصالة , تنطوي على الجرأة , تنطوي على الشعور بالمسؤولية تجاه المرء نفسه وتجاه كل الناس من افراد وشرائح المجتمع برمته . كثيرون يعرفون الحقيقة جيداً وعلى اصولها الا أنهم لم يأخذوا على عاتقهم قولها . . . لماذا ؟؟ الجواب حقاً لديهم وفقط في داخلهم .
وقد يأتيك أنسان اياً كان هذا الأنسان ,موظفاً, ممثلاً لمؤسسة معينة رسمية او غير رسمية , وربما يكون هذا المرء او ذاك يتبوأ منصباً اجتماعياً ويتورط في امر ما ويصبح وحيداً يقبع مع نفسه يلملم اوراقه يحسب ,يطرح ويجمع وربما يضرب ليكوّن محصّلة بعيدة كل البعد عن الأنسانية , بعيدة كل البعد عن الأحساس الشخصي والأخوي والأجتماعي , وقد يتناسى الأمس الذي كان به يتوسل ويستعطف الآخرين قاطعاً العهود على نفسه ويكيل المديح لفلان وعلان النابع من الخبث والتملق , ومن باب الخداع والتبييت الدنيء للناس الأبرار الذين لا يستحق ان يجلس وأياهم لأسباب واقعية سلبية في نفس هذا وذاك من هذه النوعية , وربما يشاء القدر وتوّلد الظروف اموراً اخرى قد تعريه على حقيقته بثوبه الأصلي , هذا الثوب الذي ملؤه الوقاحة , فنراه يكفر بكل الوعود , ويتمادى وبوقاحة متناهية في الأنكار والتوعد والأساءة من خلال موقعه لهؤلاء الأشراف الذين يعتبرون من خيرة الأفراد والمسؤولين ويلجأ بوقاحة الى اساليب من خلال موقعه للنيل من هؤلاء الأبرار مالياً اجتماعياً , هذه الوقاحة التي تخلو من الأحساس الأخوي , هذه الوقاحة تخلو من الضمير , هذه الوقاحة لا تستند الا على الغش والخداع والكذب والأحتيال , تستند ايضاً على التعري من كل حسن اجتماعي وأنساني وربما تدعي ايضاً العمل من أجل الصالح العام مع كل هذا ! ! !
بربك ايها العنجهي , بربك ايها الأنسان فاقد الضمير , بربك ايها الأنسان الذي بلا انسانية , والذي في دمك النقمة الفارغة , لأنها لا توجد ولا تولد امور من هذا النوع الا اذا استندت على الحقد والكراهية لأنه في كثير من الأحيان تحز في نفوس هؤلاء الناس كرامة الأخرين لأنهم منها براء , تحز في نفوسهم الأنجازات والمواقع المشرفة والصفات الخلاقة التي تعتبر نبراساً ودليلاً قاطعاً للتعامل الأنساني للوفاء للأنسانية والأمانة والأخلاص والتي يفتقر هؤلاء اليها.
فمهما تصرف أمثال هؤلاء ناكري الجميل ومتبني الوقاحة بلا حدود , ومهما تمسكنوا واحتالوا ومهما خانوا العهود , واختلقوا الأكاذيب فلا بد من ان يقبعوا وحيدين , بعيدين عن الناس , لا يمكنهم يوماً من الأيام محاسبة الضمير لأنهم بدون ضمير , لا يمكنهم محاسبة النفس لأن نفوسهم محروقة في داخلها , ويعتبرون الوقاحة شعارهم, يعتبرون الوقاحة نفوذاً , الخ . . . ! ! !
الى هؤلاء أقول وبكل صراحة لا وألف لا , لا يمكنكم ان تخلّدوا مطلقاً , وما يخّلد هو الذكر الطيّب والعمل الأنساني المجرد من الوقاحة والخبث والكذب لا ما تقترفون من تفاهات , ومن تصرفات مشينة أجتماعياً وأخلاقياً وأدبياً , فحري بالمرء اياً كان مذهبه ان يكون من خلال موقعه نموذجاً في الأنسانية والصدق والأستقامة لا ان يكون نموذجاً سيئاً سلبياً ملؤه الكذب والنصب والأحتيال والخيانة والغدر, لأنه لا صالح للمجتمع في ذلك .مطلقاً .